ادعمنا

الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان - European Convention on Human Rights

الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان - European Convention on Human Rights واختصاراً: (ECHR). هي معاهدة دولية تهدف لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في قارة أوروبا، و هي أول إتفاقية يعقدها مجلس أوروبا حيث وضع مسوَّدتها سنة 1950، و دخلت حيز التنفيذ في 3 ديسمبر 1953 بعد تصديق 10 دول عليها وقد جاءت لتكريس هدف أوروبا وهو خلق إتحاد وثيق بين الدول الأوروبية على أساس تعزيز الحرية والديمقراطية.

لعبت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان دوراً هاماً في تطوير الوعي حول حقوق الإنسان في أوروبا، وقد تمَّ إنشاء هذا النظام الإقليمي أو القارِّي لحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء أوروبا  ومراعات منها، استندت هذه الاتفاقيَّة إلى الإلهام الوارد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ظهر بعد الحرب العالميَّة الثانية، وتعتبر رداً من قوات الحلفاء على الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي حدثت خلال فترة الحرب والعمل على محاولة تجنُّبها مستقبلاً.

تضم الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ديباجة و 66 مادة موزعة على ثلاثة أبواب، يتعلق الباب الأول بتبيان الحقوق و الحريات التي يعترف بها لكل شخص يخضع للولاية القضائية للأطراف المتعاقدة. كما أضيف الى الاتفاقية 14 بروتوكولا إضافيا وذلك بهدف توسع احكام الاتفاقية بمزيد من الحقوق و الحريات، مع الإشارة الى أن هذه الاتفاقية أكدت مراعاتها للإعلان العالمي لحقوق الإنسان و رعاية الحقوق المنصوص عليها فيه. ولقد تمَّت صياغة الاتفاقية بصورة مشابهة لاتفاقيَّات ومواثيق سابقة مثل القانون الحقوقي الإنكليزي وميثاق الحقوق في الولايات المتحدة الأمريكية والإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والجزء الأول من القانون الأساسي الألماني، لقد استلهمت الاتفاقية الأوروبيَّة هذه الأفكار ولكنَّها صيغت بطريقة حديثة. وقد تضمنت مواد عديدة منها: 

1- تضمنت الاتفاقية العديد من الحقوق المدنية والسياسية .

2- إنشاء أجهزة تنفيذية إقليمية لحماية حقوق الإنسان تتمثل في اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان والمحكمة الاوربية لحقوق الانسان وقد حددت نصوص الاتفاقية آلية تشكيلها واختصاصاتها واعتبرت أحكام المحكمة احكاما نهائية وملزمة لكل الاطراف في المعاهدة .

3- ألزمت الاتفاقية الأطراف المتعاقدة بناء على طلب السكرتير العام لمجلس أوروبا أن تقدم بيانا يتضمن الطريقة التي يتبناها القانون الداخلي لإنفاذ الاتفاقية.

4-لا يجوز تفسير أي نص في المعاهدة على أنه انتقاص لأي حق من حقوق الانسان.

 

لمحة تاريخية: 

عقد "مؤتمر أوروبا"  كما أطلق عليه في لاهاي بين 7 – 10 مايو 1948، بحضور سياسيين بارزين مثل وينستون تشرتشل وفرانسوا ميتران وكونراد أديناور، وبمشاركة واسعة من ممثلي المجتمع المدني وأكاديميين وقادة النقابات وزعماء دينيين، وفي نهاية المؤتمر صدر إعلان وتعهُّد مبدئي شكَّل النواة الأولى للمعاهدات الأوروبيَّة الحديثة بما فيها الاتفاقيَّة الأوروبيَّة لحقوق الإنسان، وقد جاء في المادتين الثانية والثالثة من الإعلان: نرغب في ميثاق لحقوق الإنسان يضمن حريَّة الفكر والتعبير والتجمُّع وتشكيل معارضة سياسيَّة، وإنشاء محمكة عدل خاصَّة لتنفيذ هذا الميثاق ومعاقبة من يخالفه. واستجابةً للدعوة التي أطلقها هذا الميثاق اجتمع أكثر من 100 برلماني أوروبي من الدول الاثنتي عشرة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في ستراسبورغ في فرنسا صيف 1949 لعقد أول اجتماع لتأسيس الجمعيَّة الاستشارية لصياغة ميثاق حقوق الإنسان وتشكيل محكمة العدل الخاصة به، وترأس النائب والمحامي البريطاني السير ديفيد ماكسويل فييف اللجنة القانونية والإداريَّة في هذه الجمعيَّة، ولكونه عضواً رئيسيَّاً ومدعياً عاماً في محاكمات نورمبيرغ فقد كان شهد بنفسه كيف يمكن تطبيق العدالة الدولية بفعالية وحزم، وبالاشتراك مع الوزير الفرنسي السابق بيير هنري تيتغن تمَّ تقديم تقرير للجمعيَّة يقترح قائمة من الحقوق الأساسيَّة التي يجب حمايتها، وكان عدد منها قد تمَّ اختياره في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تمَّت صياغته والموافقة عليه في نيويورك قبل فترة وجيزة، وتمَّ تحديد كيفية عمل آلية القضاء والمحاكمات وبعد مناقشات مستفيضة أرسلت الجمعية اقتراحها النهائي إلى لجنة الوزراء التابعة للاتحاد الأوروبي والتي اختارت بدورها مجموعة من الخبراء لصياغة الاتفاقية بشكلها النهائي. لقد صُمِّمت الاتفاقيَّة لتشمل أهم الحريَّات المدنية الأساسيَّة وتضمن ديمقراطيَّة سياسيَّة فعَّالة كتلك الموجودة في بريطانيا وفرنسا وبقية الدول المؤسَّسة للاتحاد الأوربي، كما قال غويدو ريموندي رئيس المحكمة الأوربيَّة لحقوق الإنسان:

"لا يمكن تصُّور نظام أوربي هدفه حماية حقوق الإنسان مع محكمة لتنفيذ ذلك دون أن يكون هذا النظام وهذه المحكمة مقيَّدة بالديمقراطية، إنَّ الرابطة التي تجمعنا ليست جغرافيَّة وإقليميَّة فقط، ولا يمكن لدولة أن تكون طرفاً في الاتفاقيَّة الأوروبيَّة لحقوق الإنسان إذا لم تكن عضواً في الاتحاد الأوربي ولا يمكن لدولة أن تكون عضواً في الاتحاد الأوربي إذا لم تكن تحترم الديمقراطيَّة والتعدديَّة السياسيَّة وحقوق الإنسان وسيادة القانون، إنَّ حماية الديمقراطية تسير جنباً إلى جنب مع حماية الحقوق" 

أُعلنت الاتفاقيَّة في 4 نوفمبر 1950 في روما، وتمَّ التصديق عليها في 3 سبتمبر 1953، ويشرف على تنفيذها المحكمة الأوروبيَّة لحقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي والمفوضيَّة الأوروبيَّة لحقوق الإنسان.

 

الحقوق التي تحميها الاتفاقية:

تشمل الاتفاقية على حق كل إنسان في الحياة والحق في السلامة الجسدية وفي ذلك الحق في عدم الخضوع للتعذيب أو للعقوبات أو المعاملة غير الإنسانية كما نصت المادة الثالثة من هذه الاتفاقية. وقد نصت: تحظر المادة الثالثة التعذيب أو أي شكل من أشكال المعاملة أو العقوبات غير الإنسانيَّة أو المهينة، ولا توجد استثناءات أبداً أو أي قيود على هذا الحق، وينطبق هذا الحكم أيضاً على حالات استخدام الشرطة للعنف الشديد وسوء ظروف الاحتجاز والسجن.

إضافة إلى ذلك تحظر العبودية والعمل الجبري أو السخرة بالمادة الرابعة منها. كما نصت الاتفاقية على حق كل شخص في الحرية والأمن الشخصي وعدم جواز حرمان أي إنسان من حريته وفقا للأحوال والإجراءات المحددة في القانون. هذا ونصت الاتفاقية أيضا على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بالمادة الخامسة منها. نصت الاتفاقية على وجوب إحترام الحياة الخاصة أو العائلية التي تشمل حرمة المسكن وسرية المراسلات وحرية الفكر والعقيدة والدين.

كما ألحق بالاتفاقية عدة بروتوكولات. حيث يعترف البروتوكول الأول بالحق في الملكية والحق في التعليم والحق في الانتخابات الحرة، والحق في عدم حرمان أي شخص من حريته وبحرية التنقل واختيار مكان الإقامة، ويحرم النفي أو طرد أو ترحيل وطني الدولة ويحظر الإبعاد الجماعي للأجانب، كما نص أيضا على عدم جواز حرمان أي فرد من دخول إقليم دولة هو من رعاياها.

 

الحقوق غير المحمية في الاتفاقية الأوروبية:

اقتصرت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والبروتوكولات الملحقة بها على حماية أغلب الحقوق المدنية والسياسية، غير أنها لا تحمي هذه الحقوق جميعا، فالحق في اللجوء الذي نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يتم النص عليه في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ، كما لا تنص هذه الأخيرة على أي حماية لحقوق الأقليات باستثناء ما ورد في نص المادة 14 المتعلق بالمساواة وعدم التمييز والتي تنص على حظر التمييز على أساس الانتماء إلى أقلية قومية، مع الإشارة إلى أن هذا النقص تمم استدراكه من خلال الاتفاقية الاطارية لحماية الأقليات القومية لعام 1995، وكذلك الميثاق الأوروبي اللغات الإقليمية ولغات الأقليات الذي تم التوقيع عليه في 5 نوفمبر 1992.

ولم تنص الاتفاقية على حق كل إنسان في الاعتراف له بالشخصية القانونية المنصوص عليه في المادة 16 من الإعلان العالمي. إن ما يمكن ملاحظته أيضا أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عدم نصها أيضا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وقد تم تبرير ذلك برغبة واضعي الاتفاقية في تحقيق مزيد من الفاعلية لها من خلال تجنبهم إدراج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في دائرة الحقوق المضمونة في الاتفاقية وفضلوا تخصيص وثيقة منفصلة للحقوق الاجتماعية، هذه الوثيقة هي الميثاق الاجتماعي الأوروبي الذي تم التوقيع عليه بتاريخ 18 أكتوبر 1961، و دخل حيز التنفيذ في 26 فبراير 1965.

 

أهمية الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان: 

تأسَّست وفقاً لهذه المعاهدة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في مدينة ستراسبورغ الفرنسية. يحقُّ لأي مواطن عاديٍّ في أوروبا، يعتقد أن إحدى الدول الموقِّعة على الاتفاقية انتهكت حقوقه - بما يخالف شروطها - أن يقدم دعوى في المحكمة. كل دولة توقِّع على الاتفاقية مجبرة على الالتزام بأي قرارٍ تصدره المحكمة، ومن واجبها تنفيذ أي حكم يصدر. تراقب "لجنة وزراء مجلس أوروبا" الأحكام الصَّادرة وتشرف على تنفيذها في الدول المعنية، وخصوصاً في مجال مراقبة الأموال التي تدفعها المحكمة كتعويضات عن أضرار أصحاب الدعاوى. يمكن اعتبار تأسيس محكمة لحماية حقوق الناس العاديِّين ميزة فريدة في اتفاقية دولية كهذه، وهي تمثِّل وسيلة نادرة يمكن للأفراد من خلالها الحصول على تأثير في عالم الدول (إذ أنه من المُعتاد عدم إعطاء أي اعتبارٍ إلا للحكومات في القانون الدولي)، ولا زالت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان حتى الآن معاهدة حقوق الإنسان الدولية الوحيدة التي تمنَح حماية للأفراد على هذا المستوى. يحقُّ أيضاً لحكومات الدول أن ترفع دعاوى على دولٍ أخرى عبر محكمة حقوق الإنسان، إلا أنَّه من النادر اللجوء إلى هذه الميزة.

 

المصادر والمراجع:

  European Convention on Human Rights, grabenwarter, Ch. beck- hart-nomos, Bloomsbury Publishing Plc, A commentary, second edition, May 2021

 University life style، بحث بعنوان الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان  والحريات الأساسية.

التوجهات الجديدة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ضوء قضية حظر النقاب في فرنسا، إعداد حميد بلغيث باحث بصف الدكتوراه، مجلة الفقه و القانون، august 2014.

نصوص مواد الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

د.حميد حنون ، حقوق الانسان ، ط1 ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2012.

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia